حمد سالم المري
أمطار الخير الغزيرة التي هطلت على البلاد في الأيام الماضية وما انتجته من أضرار كبيرة بحق الممتلكات الخاصة والعامة بسبب سوء صيانة شبكات الصرف في بعض المناطق، وكذلك سوء التعاطي مع هذه الأزمات من قبل الحكومة لا تتحمل مسؤوليته الحكومة لوحدها بل يتحمله مجلس الأمة والمواطن. فللأسف ساد في البلاد خلال السنوات الماضية ثقافة الاتكال والتكاسل في أداء العمل وغياب الضمير في اتقانه بالشكل المطلوب، وهذه هي الركيزة الأساسية لمفهوم الفساد. فلو نظرنا إلى الحكومة مثلا نجد الوزراء والوكلاء والمدراء والمراقبين ورؤساء الأقسام والغالبية العظمى من الموظفين هم مواطنون كويتيون، ومع ذلك يلومون الحكومة بشكل عام رغم أنهم هم من يعمل في الوزارة وهم من يتخذ القرار ومن يشرف على العمل، سواء هذا العمل يقوم به موظف كويتي أو وافد أو شركة تعاقدت معها الوزارة، ولا يلومون أنفسهم بسبب تساهلهم في العمل وتكاسلهم في اتقانه وعدم اهتمامهم في الإشراف عليه. فالدولة وفرت للوزارات الميزانيات المطلوبة لتنفيذ الأعمال، ولكن بسبب ضعف مراقبتها وعدم اهتمام العاملين في الوزارات تبدد هذه الميزانيات كل عام من دون فائدة تذكر. وكذلك يقع اللوم على مجلس الأمة، وهو السلطة التشريعية والرقابية،كونه يتدخل بشكل واضح للتوسط في التوظيف وتعيين الوكلاء ومساعديهم، وتعيين أشخاص غير أكفاء في هذه المناصب ما يؤدي إلى ضعف في الانتاجية وعدم وجود جودة عالية في العمل. كما أن الغالبية من الأعضاء اتخذوا المجلس للتصفيات السياسية والمصالح الانتخابية، ولو كان ذلك على حساب المصلحة العامة للوطن. فلو أن المواطن الكويتي سواء أكان موظفا عاديا أو وزيرا أو عضو مجلس أمة وضع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” نصب عينيه وبدأ ينظر إلى وظيفته والمنصب الذي هو فيه، والعمل الذي يقوم به، مهما كان نوعه وتخصصه بأنه لصالحه ولصالح أبنائه وأحفاده وليس مجرد وظيفة لاستلام راتب شهري من دون تعب أو منصب سياسي يحقق به مصالحه، أو منصب وزاري يتفاخر به ويتكسب منه، لما انتشر الفساد في اروقة الوزارات. ولهذا لا نلوم الحكومة وحدها أو نلوم مجلس الأمة، بل علينا كمواطنين أن نلوم أنفسنا لأننا أساس العمل الحكومي، ونحن من نستطيع أن نغير بلادنا إلى الأفضل من خلال الإخلاص في العمل واتقانه، وعدم التهاون في أي إجراء حكومي نقوم به في الوزارة التي نعمل فيها. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على وزارة الأشغال المعنية بصيانة الطرق وقنوات صرف مياه الأمطار، بل ينطبق على جميع الوزارات،لأن الفساد مستشر في أروقتها، ولكن وزارة الأشغال انكشف الفساد فيها بسبب الأمطار التي هطلت، أما وزارات الدولة الأخرى فإن الفساد فيها منكشف لدى المواطن الذي يراجعها، وفي ضعف وسوء الخدمات التي تقدمها. فالكويت تستاهل الأفضل ولن يتحقق الأفضل إلا بسواعد أبنائها وإخلاصهم في عملهم.