د. خالد عايد الجنفاوي
”اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” (العلق 3 – 5).
يشير الجهل بعامة إلى اعتقاد أحدهم بشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة وفي الواقع، وتتدرج الاصابة بهذا المرض الفكري وفقاً لمراحل وحالات مختلفة، فثمة جهل بسيط يُمكن التغلب عليه بالسعي لاكتساب بعض من المعرفة، ويوجد أيضاً جهل متوسط وهو ذلك النوع الذي ربما لا يتطلب كثيراً من الجهد لتجاوزه، ولكن أسوأ حالات الجهل هو الجهل المركب وبخاصة ما تراكم عبر السنوات، وبالذات ما يتمثل في اعتقاد أحدهم بحقيقة أمر بينما تكشف وقائع الحياة الانسانية زيفه أو كذبه أو عدم عكسه للواقع، ولما يمكن أن يحدث فعلاً في الحياة الانسانية الاعتيادية. ولا توجد علاقة بين مستوى تعليم الفرد وبين وقوعه في أشراك الجهل المركب، وحيث يرتبط الجهل المركب بسلوكيات شخصية اختيارية مثل ضيق الافق وبعدم رغبة أحدهم في تغيير قناعاته الخاطئة وفقاً لما يستجد لديه من معلومات. وبالطبع، كلما توسعت مدارك عقل الانسان وتفتح عقله وسعى بشكل متواصل لتطوير طرق تفكيره بهدف مواءمتها مع ما يتطور بشكل متسارع في عالم اليوم، تخلص تلقائياً من الجهل المركب سواء الذي اكتسبه عن طريق التطبع أو بسبب تأثره سلباً بالآخرين حوله، واستطاع الوصول لمراحل متقدمة من التفكير العملي، وتمكن كذلك من عيش حياة إنسانية حقيقية ومثمرة تزخر بالتجارب المختلفة. الإنسان المتعلم هو من يستفيد ويرقى أخلاقياً وذهنياً نتيجة لقراءاته واطلاعه وتمعنه العميق في تجاربه وتجارب الآخرين، وحيث يتوقع العقلاء أن يكون أكثر إيجابية وأكثر حكمة وقبولاً للرأي الآخر، وربما أكثر تسامحاً من ضيقي الافق. وأرفض شخصياً النخبوية في كل أمر وبخاصة لدى بعض من يدعون الثقافة والتمدن والحكمة والتحضر والتفتح العقلي، ولكنني أتعجب أيضاً عندما أقرأ كتابات البعض أو أسمع كلامهم المتناقض وأشاهد تصرفاتهم المضطربة، فشتّان بين الانسان الذي ربما لا يقرأ ولا يكتب ولكنه يتمتع بعقل متفتح،وبين ذلك الذي يدعي الثقافة بينما هو أكثر الناس بعداً عنها بسبب ضيق أفقه المُنفر.
كاتب كويتي