طهران، برلين – عواصم ووكالات : دخلت العقوبات الاميركية ضد ايران حيز التنفيذ بعد منتصف ليل امس وفق التوقيت المحلي للولايات المتحدة وذلك بعد مضي 180 يوما من انسحاب واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).
فيما تحاول إيران الالتفاف على العقوبات الأميركية التي من المقرر أن تسري اليوم عبر تهريب النفط والتشويش على أنظمة تتبع السفن، تواجه طهران معضلة خطيرة أخرى تتعلق بموجة هرب الشركات الأوروبية التي أوقفت تباعا أنشطتها التجارية مخافة العقوبات الأميركية. واعتبر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن خطط إيران في إخفاء ناقلات نفطها عن مجهر العقوبات الأمريكية، لن تجديها نفعا للالتفاف على هذه العقوبات، فواشنطن قد تستعين بشركات لرصد حركات ناقلات النفط الإيراني.
ومع بدء موعد سريان الحزمة الجديدة من العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران، تحاول الناقلات الإيرانية مواصلة بيع النفط بعيداً عن الأنظار، بحسب ما يفيد محلّلون يعملون من مكاتبهم الصغيرة في ستوكهولم ضمن مجموعة جديدة تراقب شحنات النفط العالمية.
السعودية جاهزة
تبدو السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، جاهزة الى جانب شركاء مهمّين في هذا القطاع، لتغطية أي نقص في الامدادات بسبب العقوبات الاميركية على إيران رغم أن سوق الخام لا تزال غير مستقرة بشكل عام، وفق ما يرى محللون. وبعد ستة أشهر من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتّفاق النووي، تعيد الولايات المتحدة ابتداءً من اليوم فرض الدفعة الثانية من العقوبات التي كانت رفعتها إثر التوصّل الى اتّفاق مع طهران عام 2015. والقرار الأميركي يعني منع كل الدول أو الكيانات أو الشركات الأجنبية من دخول الأسواق الأميركية في حال قرّرت المضي قدماً بشراء النفط الإيراني أو مواصلة التعامل مع المصارف الإيرانية، إلاّ أنّ واشنطن أعلنت أنّ ثمانية دول ستستفيد من استثناءات مؤقّتة تتعلّق بشراء النفط من إيران.
ومنحت الولايات المتحدة إعفاءات لثماني دول بشرط خفض عمليات الشراء التي تقوم بها بشكل كبير.
لكنّ الزبونين الأكثر مدعاة للحذر بالنسبة إلى الولايات المتحدة في حملتها لممارسة “أقصى درجات الضغط” على إيران هما المشتريان الأكبر، الهند والصين.
وانخفضت واردات الصين من الخام الإيراني في (سبتمبر) انخفاضا كبيرا عن الشهر ذاته من العام الماضي، في مؤشر على أن الصين تكبح مشترياتها من إيران مع تأهب واشنطن لإعادة فرض العقوبات. وستبحث الهند، وهي مشترٍ رئيسيّ آخر، كذلك عن آليّات كما فعلت في آخر فترة عقوبات، وأوضح روم أنّ “الفرق آخر مرّة هو أنّ العقوبات كانت على مراحل وطبّقت بشكل تدريجي على فترة طويلة”. واستسلمت مجموعة “ديملر” الألمانية لصناعة السيارات، وهي الأولى عالمياً في مجال السيارات الفاخرة والشاحنات، للعقوبات الأمريكية معلنة وقف أنشطتها في إيران “حتى إشعار آخر”، وكانت الشركة تعتزم تصنيع وبيع شاحنات “مرسيدس بنز” في إيران. من جهتها، لا تؤكّد شركة فولكسفاجن أنّها وافقت على الحدّ بقوّة من أنشطتها في إيران، كما أعلن السفير الأمريكي في ألمانيا في 20 (سبتمبر)، وبحسب متحدّث باسم المجموعة، فإن “فولكسفاجن” تتقيّد بكل القوانين الوطنية والدوليّة المعمول بها وبنظام التصدير.
أمّا مجموعتا “رينو” و”بي إس إيه” الفرنسيتان، اللّتان صنعتا نصف السيارات الجديدة المسجّلة في إيران، فتتعاملان بطريقة مختلفة جداً مع الموضوع. وأعلنت “بي إس إيه” منذ (يونيو)، أنّها تحضّر لتعليق أنشطتها في سوقها الأجنبية الرئيسية من حيث الحجم لكن التي تمثّل “أقلّ من 1 في المائة من إجمالي مبيعات” الشركة.
أما شركة “رينو” فأكّدت من جهتها أنّها لا تريد التخلّي عن أنشطتها في إيران حتى لو أجبرت على “خفض حجم نشاطها بشكل كبير”.
انتقادات المانية
الى ذلك انتقدت أوساط اقتصادية ألمانية بشدة العقوبات الأميركية ضد إيران وحذرت من عواقب وخيمة جراء إعادة تطبيقها.
وقال رئيس اتحاد الصناعات الألمانية ديتر كمبف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): إن خطر زعزعة الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط يزداد من خلال إعادة فرض العقوبات، من طرف واحد.
وأضاف كمبف: “استغلال الاقتصاد العالمي لأهداف سياسية للولايات المتحدة الأمريكية يثقل كاهل العلاقات الدولية والشراكة عبر الأطلسي”.